كيف حولت مقالي عن دراسة علمية “جامدة” لجامعة هارفارد إلى قصة صحفية إنسانية؟

الصورة: فتحية السيسي13266067_963226587124036_582352677931466029_n

في سبتمبر من العام 2017، كُلفت من قبل موقع رصيف22 بترجمة دراسة علمية مهمة لجامعة هارفارد إلى اللغة العربية بهدف نشرها كمقال صحفي على الموقع. لكن عشقي للقصص الإنسانية والذي يجعلني أسعى دائمًا لجعل المقالات الجامدة قصص تنبض بالحياة تغلب عليَ كالعادة، فتوصلت إلى طريقة مبتكرة لتحويل الدراسة العلمية إلى قصة إنسانية بطلها مسن مصري تخطى السبعين من عمره ولا يعرف أي شيء عن جامعة هارفارد ولا عن موقعها على الخريطة، لكنه في المقابل يعرف الكثير عن نفس موضوع الدراسة.


الدراسة التي أقصدها تعد واحدة من أطول الدراسات – من حيث فترة العمل عليها – على مر التاريخ. إذ بدأت هارفارد العمل عليها منذ عام 1938، لكن النتائج لم تنشر سوى حديثًا، وهي دراسة تحاول معرفة أسرار الحصول على حياة سعيدة. وتوصلت الدراسة إلى أن العلاقات الإنسانية الحقيقية هي أحد أهم أسرار السعادة.
بعد أن قرأت الدراسة بتركيز شعرت بحاجة شديدة لإعطائها “روح” و”حياة” و”قلب نابض”، فبحثت عن نموذج يصلح لدمجه مع نتائج الدراسة، حتى وجدت الحاج فتحي، وهو مسن مصري بسيط يعيش في إحدى المناطق الفقيرة بالعاصمة المصرية، تحدثت مع الحاج فتحي عن السعادة، وعن النصائح التي يمكن أن يعطيها لجيل الشباب بعد عشرات السنين التي عاشها على الأرض.
أخبرني الحاج فتحي إن “السعادة الحقيقية هي أن تعيش وسط أناس تحبهم ويحبونك”، وهي نفس النتيجة التي توصلت لها دراسة جامعة هارفارد، والتي وجدت أن العلاقات الإنسانية الحقيقية هي أحد أهم أسرار السعادة. فسعيت للربط بين حديثي مع الحاج فتحي وبين الحقائق التي توصلت لها الدراسة العلمية، وكان هدفي الحقيقي هو أن لا تخرج نتائج الدراسة للقارئ بشكل جامد غير جذاب، وأن تتحول من مجرد ترجمة لدراسة علمية قد يراها البعض “جامدة” إلى قصة إنسانية شيقة يمكن هضمها بسهولة.
لكن في قصتي التي حملت عنوان “أعيدوا اكتشاف السعادة على طريقة الحاج فتحي” التزمت بكل القواعد الصحفية، إذ شرحت للمصدر –الحاج فتحي- فكرة مقالي، واستأذنته أن أنشر اسمه الحقيقي، وشرحت له أنني سأحول كلامه من العامية إلى لغة عربية فصحى، وأعطيت الحاج فتحي أيضًا فكرة عن الموقع الصحفي الذي أعمل به، وعن البلد التي يخرج منها، فربما كان لديه تحفظات من أي شكل على الحديث. التزمت أيضًا بالترجمة المهنية السليمة والأمينة.
اتعامل مع الصحافة دائمًا بمنطق الشخص الذي يبحث عن زاوية مختلفة، ولا أعتبر نفسي أبدًا مجرد مترجم وفقط، ورغم أني التزم بالمهنية بدرجة كبيرة في ترجمة أي نص من الإنجليزية إلى العربية، لكني مؤمن أنني في الأساس محرر صحفي ولست مترجم.
كل ما نحتاجه حين نعمل على ترجمة الدراسات العلمية الجامدة أو تلك النصوص التي يراها البعض مملة، هو أن نجد زاوية مبتكرة لتحويلها إلى نص مناسب للثقافة العربية، ونجعلها حية أكثر وبها لمسة إنسانية وقلب ينبض ما سجعل القارئ يشعر أنها قريبة منه ومن أحلامه وهمومه.
يمكنكم قراءة مقال “أعيدوا اكتشاف السعادة على طريقة الحاج فتحي” عبر الضغط على هذا الرابط.

أضف تعليق